arablog.org

حيوية المجتمع العراقي

العراق
مع أنَّي نادرا ما أتابع التلفزيون وإن حصل هذا النادر يكون في الرياضة ولكن شدّتني بعض التعليقات على فيسبوك بخصوص برنامج الصدمة لأقوم بعد ذلك بمتابعة بعض حلقاته .. بغض النظر عن فكرة البرنامج ومصدرها الأهم إنه ينقل لنا صورة أدق عن المجتمعات ويضعنا أمام حقائقها ويظهرها على سجيتها بعيداً عن أي تجميل وزخرفات زائفة عادةً ما يتدخّل الإعلام في صناعتها.
تابعت ثلاث حلقات من البرنامج كان موقع التصوير لبنان، مصر، الإمارات، السعودية، العراق هي ليس مقياس نهائي ولكن يُمكن القول إن البرنامج أعطانا انطباع أولي عن ردة فعل مجتمعات الدول المذكورة وكيف إن الأمر يختلف من مجتمع إلى آخر.
حتى وإن تبدو المشاعر مُتشابهة تجاه قضيةٌ ما، لكنَّها تتباين ردود الأفعال والتصرفات الفعليّة.
كانت ردة فعل المجتمع العراقي أكثر حدة من غيره وهذا الشيء أثار إعجابي خصوصاً إن الأمر لم يكن مصادفة بل تكرر أكثر من مرة وفي أكثر من موقف بالبرنامج .. مجتمع عاطفي بسيط وشجاع بنفس الوقت .. مجتمع إنساني تثيره التصرفات اللا إنسانية، كان أكثر إيجابية من مجتمعات أخرى.
تأثرتُ كثيرا وأنا أتابع ردة فعله، وحزنت كثيرا لِما حدث لهذا المجتمع من تشويه بالماضي والحاضر والأكثر ألما إن يكون هذا بفعل ساسته وحكامه، نقلوا للعالم أبشع صورة عنه عكس ما هو عليه تماماً
شاعر الشعب الداغستاني “حمزاتوف” قال يوما:”حين تُسأل من أنت، يمكنك أن تقدم وثائقك، هويتك التي توجد فيها كل المعطيات الأساسية، وإذا ما سُئل شعب من يكون، فالشعب يشير إلى العالم، الكاتب، الفنان، المؤلف الموسيقي، رجل السياسة، القائد الذي أنجبه ويعد كلاً منهم وثيقة تدل عليه”
كم هو مُخجل إن يعرف العالم هويّة مجتمعاتنا من خلال ساستها وقادته اليوم!
هذه الشريحة –أي الساسة- هم حثالة المجتمع ومصدر تشوّهاته
تقريباً قابلتُ أغلب الجنسيات العربية وعايشت البعض عن قرب وتعرفت على ثقافاتهم وتفكيرهم إلا العراق لم يسبق ليّ إن قابلت أحدا منه ولكنَّي كنتُ أنظر إلى هذا المجتمع من أجمل نوافذه وأعتبرهم هويته الحقيقية للحاضر، سواءً من خلال صوت كاظم الساهر وإحساسه أو إبداع شُعراؤه أحمد مطر، مظفر النواب، أحمد السعداوي، والكثير الكثير وأصدقاء على فيسبوك علي سام، زيد عمران وغيرهم ومن حسن حظّي إنَّي لستُ من عشاق القنوات الإخبارية لألتفت لكلّ التشوّهات التي ينقلها الساسة والإعلام عن هذا الشعب العريق.
ظلّت الصورة جميلة وبهيّة في ذهني لأجد في هذا البرنامج –برنامج الصدمة- الصورة الحقيقية التي رسمتها في مخيلتي للمجتمع العراقي .. وكم هو مُحزن إن وثيقة العراق وهويته الحقيقية المنسجمة مع طبيعته مُبدعيه وكُتابه الذين ينقلون عنه أجمل صورة قد هُجّر أغلبهم بينما بقي الساسة ورجال الدين ليشوّهوا ويعبثوا ويمزقوا هذا البلد العزيز على قلوبنا جميعا. وربما في هذه الحالة يتشابه مع أكثر من بلد عربي!

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *